يقول العلماء حديثاً إن الغبار القمري خطير جداً لأنه مكهرب، فتصميم القمر يساعد على جعله جسماً يتأثر بشدة بأشعة الشمس ويبدو متوهجاً، فعدم وجود مجال مغنطيسي حول القمر وطبيعة تربة القمر الغبارية الناتجة عن القذف بملايين النيازك، وبعد القمر عن الأرض وعن الشمس، بالإضافة إلى التركيب المميز لتربة القمر واحتوائها على نسبة كبيرة من الزجاج! كل هذه العوامل تساعد القمر على بث كميات كبيرة من الإنارة، ليبدو منيراً لنا، بعكس الأرض التي إذا نظرنا إليها من القمر لا نراها منيرة. إذاً هذه الإنارة هي صفة تميز القمر. لقد لاحظ العلماء وجود بقع توهج ناتجة عن النشاط الإشعاعي على سطح القمر، وبالتالي فإن هذا الكشف العلمي قد ذكره القرآن قبل أربعة عشر قرناً حيث وصف القمر بأنه جسم منير، يقول تعالى: (وَقَمَرًا مُنِيرًا). المرجع رقم (9).
هل سمع أرمسترونغ الأذان على سطح القمر؟
هناك شائعة قوية تقول بأن أرمسترونغ قد سمع الأذان على سطح القمر، فهل أسلم أول رائد فضاء يهبط على سطح القمر؟ والحقيقة أن مثل هذه الشائعات تنتشر بشدة بين الناس، وللأسف نجد علماء مسلمين كبار يصدقون ذلك دون أن يتأكدوا من مصدر المعلومة.
تقول الشائعة إن أول رائد فضاء هبط على القمر عام 1969 قد سمع الأذان، وعندما كان في رحلة في إحدى الدول العربية سمع صوت الأذان فسأل ما هذا، فقيل له أذان المسلمين فقال لقد سمعت نفس الصوت على القمر، فأعلن إسلامه! ولكي تكون الكذبة متقنة فقد قامت وكالة ناسا بطرده من عمله نتيجة لإسلامه، فقال: خسرت عملي ولكن وجدت الله!
وبعد البحث تبين أن رائد الفضاء لم يُطرد من عمله، وتبين أنه صرح مراراً وتكراراً أنه يحترم الإسلام ولكنه لا زال على دينه، ثم إن الذي يحلل هذه الإشاعة يراها متناقضة مع نفسها. فكيف يمكن لرائد فضاء أن يسمع صوتاً على القمر وهو مهندس درس قوانين انتشار الصوت، كيف يسمع هذا الصوت ويمر عليه مرور الكرام فلا يسجله ولا يتحدث به ولا يخبر به أحداً، ولا يسجل براءة اكتشاف جديد ينسب إليه، ثم ينتظر سنوات حتى يسمعه مرة أخرى في دولة عربية ويسأل ما هذا الصوت، وكأن الذي صعد إلى القمر هو إنسان عادي وليس باحثاً وعالماً!
يمكن التأكد من أي معلومة اليوم من على الإنترنت، فوكالة ناسا تضع سيرة ذاتية حديثة لرائد الفضاء أرمسترونغ (مارس 2008) ولم تذكر بأنه أسلم أو طرد من عمله أو أي شيء آخر، ويمكن العودة إلى موقع ناسا للتأكد أكثر من هذه المعلومة. (المرجع رقم 10).
طبعاً يا أحبتي إن أي إشاعة تحمل بصمات صاحبها، فالذي وضع الإشاعة نسي أن الصوت لا ينتشر في الفراغ، وسطح القمر لا يحوي أي هواء أو غلاف جوي فمن أين جاء الصوت، وماذا عن بقية الفريق الذي كان معه، ولماذا اختارت الإشاعة هذا الرجل (أرمسترونغ) طبعاً لأنه الأشهر!
لقد سئل أرمسترونغ أثناء زيارته لماليزيا (في سبتمبر 2005) عن نبأ إسلامه فنفى ذلك، وأنكر أنه سمع صوت الأذان على سطح القمر. مع العلم أنه أكد احترامه للإسلام. إن مثل هذه التصريحات نشرت على مئات المواقع مثلاً المرجع رقم (11).
هل انشق القمر فعلاً؟
اتصل بي أحد الإخوة منذ مدة وسألني عن حقيقة انشقاق القمر، فأخبرته أن الله حدثنا عن انشقاق القمر ونحن نصدق كل ما جاء في القرآن، ولكنه سمع مراراً وتكراراً أن علماء وكالة ناسا أثناء رحلتهم إلى القمر اكتشفوا أن القمر انشق نصفين ثم عاد والتحم!!! ولكن بعد مناقشة طويلة مع أحد الملحدين تبين أن علماء وكالة ناسا لم يقولوا ذلك وهم ينكرون تماماً مثل هذا الأمر. ولو أنهم يعترفون أن سطح القمر يحوي شقوقاً طويلة ولم يكتشفوا حتى الآن سبب هذه الشقوق! وللتوسع في هذا الموضوع يمكن الاطلاع على مقالة بعنوان: هل اكتشف علماء وكالة ناسا أن القمر انشق نصفين؟ المرجع (12).
والخلاصة:
1- إن هبوط الإنسان على سطح القمر هو حقيقة لا مفر منها، ولا تتنافى مع قوله تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) [الرحمن: 33]. فالإنسان لم يستطع الخروج خارج أقطار السماء، بل لازال ضمن حدود مجموعته الشمسية، وكل ما فعله أنه تجول في الفضاء لمسافة قريبة جداً! وبالطبع لم ينكر هذه الحقيقة إلا قلة من الباحثين غير المعترف عليهم علمياً، بل لا توجد أي وكالة فضاء عالمية أنكرت مثل هذا الأمر، بل هو من باب الدعاية فقط.
2- إن رائد الفضاء أرمسترونغ لم يعتنق الإسلام، ولو كنا نتمنى له ذلك، ولكن الله يهدي من يشاء. ولو اعتنق الإسلام فلن ينفع إلا نفسه، ودين الإسلام دين قوي بذاته فلا يحتاج لأحد، بل الناس هم في حاجة للإسلام.
3- إن معجزة انشقاق القمر أمر ثابت ويقيني بالنسبة لنا كمسلمين، وعلماء وكالة ناسا لم يصرّحوا بذلك، ولو أنني أعتقد أن الأيام ستكشف عن حقائق جديدة تثبت صدق هذه المعجزة لأولئك الملحدين الذين ينكرون أي معجزة. ولا ينبغي لنا أن نقول إن علماء وكالة ناسا صرحوا بأن القمر انشق نصفين، إلا بدليل علمي ملموس.
4- عندما وصف الله القمر بأنه منير فقال (وقمراً منيراً) فهذا يعني أنه يتميز بخاصية الإنارة، وهذا ما أثبته العلماء من خلال تحليلهم لصخور القمر وترابه ليجدوا نسبة عالية من الزجاج، وكذلك اكتشفوا نشاطاً إشعاعياً على سطح القمر يجعله يعكس أشعة الشمس بشدة ليبدو منيراً بالفعل كما وصفه الله تعالى، وهذا يثبت أن القرآن دقيق في تعابيره.
وإنني أرجو من كل أخ كريم وأخت فاضلة أن يعملوا بهذه النصيحة:
لقد وجدتُ كثيراً من المواقع تنفي مثل هذه الأنباء وتستهزئ بالمسلمين الذين يصدقون أي شيء!! ولذلك أنصح إخوتي وأخواتي: لا تفسحوا مجالاً للملحدين أن يستهزئوا بعقولكم! ولا تساهموا في الدعاية لمثل هذه الإشاعات التي لا تخدم الإسلام في شيء، يجب أن تتأكدوا من مصدر المعلومة قبل نشرها، وكم كنت أتمنى من إخوتي الذين يصدقون مثل هذه الإشاعات أن يراسلوا وكالة ناسا ليتأكدوا من صدق الخبر، فهي صاحبة الاختصاص، وهي أعلم بهذا الأمر، وكم تمنيت منهم أن يراسلوا رائد الفضاء أرمسترونغ نفسه ليتأكدوا منه حقيقة إسلامه، بدلاً من أن يجتهدوا في نشر هذا الخبر الكاذب! ولا أجد علاجاً لهذه الظاهرة: ظاهرة المقالات الملفقة التي تُنسب للإعجاز العلمي، إلا أن نكثر من دعاء النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم:
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه