اثارت المناقشات التي جرت في مجلس النواب الاميركي جدلا واسعا في الاوساط العلمية في مختلف مناطق العالم، ولاسيما المهتمة في علوم الفلك. وكان الاميركان قد اقترحوا استخدام الرادار الروسي «ر ت ـ 70» لاكتشاف الكويكبات التي تهدد الكرة الارضية، الامر الذي رحب به رئيس وكالة الفضاء الروسية اناتولي بيرمينوف بقوله ان روسيا تقيم ايجابيا مقترح مجلس النواب الاميركي.
وكان المجلس الاميركي قد صادق على ميزانية الوكالة الوطنية للطيران والفضاء بمبلغ 20,20 مليار دولار، ملزما الوكالة في غضون ذلك بالتعاون مع روسيا والبلدان الاخرى في التصدي لخطر الاجرام التي تهدد الارض.
ويرى اعضاء مجلس النواب انه من اجل العثور على الاجرام السماوية التي تشكل خطرا على الكرة الارضية من الممكن استخدام المجمع الروسي للاتصالات الفضائية البعيدة في اقليم بريموريه.
تجدر الاشارة الى ان الرادار الروسي «ر ت ـ 70» يعود لقوات الفضاء الروسية الامر الذي يعد من اختصاص وزارة الدفاع.
وجاء في مسودة القانون ان عدد الكويكبات التي تشكل خطرا ولم تكتشف بعد قد يصل الى 25 الفا، ويتعين على الولايات المتحدة في ظل هذه الظروف اشراك البلدان الاخرى التي تتوفر لديها طاقات كبيرة في البحوث.
واعلن دانا روراباكير، عضو الكونغرس من الجمهوريين الذي دون في مسودة القانون بمبادرة منه بندا حول التعاون الدولي بشأن الكويكبات بصيغة تعديل منفصل، انه من اجل العثور على الكويكبات التي تشكل خطرا على الكرة الارضية نحتاج الى رادارات قوية للاتصالات الفضائية البعيدة، وتتوفر لدى روسيا مثل هذه الرادارات.
وقال عضو الكونغرس روراباكير انه «بوسع الرادار الروسي» رت ـ 70 «المساهمة بقسط معين» في هذه المهمة.
وتقع المنظومة الروسية للاتصالات الفضائية البعيدة، المجهزة بالهوائي «رت ـ 70» في بلدة غالينكي بضواحي اوسوريسك في اقليم بريموريه، وهي من منشآت قوات الفضاء الروسية.
النفايات الفضائية
وكان اللواء فلاديمير ديركاتش، نائب قائد قوات الفضاء الروسية قد اعلن في هذا الصدد ان قوات الفضاء تتعاون بنشاط مع الوكالة الوطنية الاميركية للطيران والفضاء في مجال حماية الكرة الارضية من النفايات الفضائية.
وقال ان حماية الاجهزة الفضائية والكرة الارضية تشكل اليوم قضية حيوية، ويجري عمل مشترك في هذا المجال.
ولدى الاجابة عن سؤال حول التعاون في التصدي لخطر الاجرام السماوية، اشار اللواء الى انه «تتوفر لدى قوات الفضاء الوسائل التي تساعد على حل هذه المهمة، ومع ذلك ان هذا يعود في الغالب الى اكاديمية العلوم الروسية والشبكة الارضية لمراكز الرصد». وان اكتشاف الاجرام التي تشكل خطرا على الكرة الارضية، يحتاج الى رادارات بعيدة المدى قوية للاتصال الفضائي.
اللجوء إلى السلاح النووي
من جهتهم، يعتقد خبراء وكالة «ناسا» الاميركية للملاحة والفضاء ان استخدام السلاح النووي لمنع اصطدام الكرة الارضية مع الاجرام السماوية الكبرى اكثر فعالية بمرات عديدة من السلاح التقليدي.
وخلص الى هذا الاستنتاج معدو تقرير الوكالة من 26 صفحة بعنوان "رصد الاجرام القريبة الى الارض وتحليل الخيارات" الذي اعد للكونغرس الاميركي.
وجاء في التقرير ان «فريقا من العلماء درسوا الاساليب التي من الممكن استخدامها لحرف الاجرام السماوية التي من المحتمل ان تصطدم بالارض عن مداراتها. ويعتبر الانفجار النووي في رأيهم وسيلة اكثر فعالية من الخيارات غير النووية التي خضعت للتحليل في الدراسة من 10 الى 100 مرة».
ويذكر معدو التقرير بين الاساليب البديلة الاخرى اسلوب «الازاحة البطيئة». والمقصود بهذا الاسلوب تغيير مسار الجرم ببطء بالوسائل الفضائية التقنية.
مشروع قديم
الاسباب المباشرة التي جعلت البرلمان الاميركي يتبنى هذا المشروع الضخم غير معروفة ، في وقت كانت فيه الحكومة البريطانية قبل اكثر من عام قد بدأت النقاش حول الخطر الذي تشكله النيازك والمذنبات على الارض، داعية الى اتخاذ تدابير لحماية كوكبنا من فناء ماثل.
ومنذ فترة طويلة كان العلماء يعزون انقراض الديناصورات الى ما يعتقدون انه ارتطام نيزك كبير بالارض، ويقولون ان احتمالات تكرار هذا الحادث تبقى واردة. لذلك لم يفعل العلماء تدابير ( المعلنة على الاقل) اكثر من تزويد كافة التلسكوبات الاوروبية باجهزة لمراقبة النيازك، واقامة تلسكوب ضخم متخصص في تتبع هذه الاجسام، واحداث اسطول دولي من المسبارات لدراسة النيازك عن قرب.
ومن ضمن الاجراءات الوقائية اعداد خطط لاجلاء سكان المناطق التي قد تكون مسرحا للارتطام الناجم عن هذه الاجسام القادمة من الفضاء الخارجي.
ويعتقد ان الاجسام السماوية التي تسبح بالقرب من الارض، او ما يطلق عليها اختصارا اسم نيوس، هي بقايا ناجمة عن تشكل الكواكب
ويمكن الغلاف الجوي للارض من الحيلولة دون تسرب الاجسام التي يقل حجمها عن 50 مترا مكعباً، لكنه يصبح قابلا للاختراق من ق.بل الاجسام الاكبر حجما، الا انه لحسن الحظ فان احتمالات وصول جسم سماوي يفوق حجمه خمسين مترا مكعباً، لا تتجاوز مرة في القرن.
ان التهديد الماثل الذي تشكله النيازك والاجسام التي تسبح في مدارات قريبة من الارض، يعد مشكلة دولية ويتطلب تدخلا مشتركا والبدء بحملة لاخذ خطر النيازك على محمل الجد، ان الاساسي هو البحث عن طرق لصد هجمات النيازك والاجسام السماوية الاخرى، من دون استثناء امكانية استخدام القنابل النووية لتحويل مسارات النيازك.