الاسراء والمعراج
في عام 620 م وبينما محمد يمر بهذه المرحلة، وأخذت الدعوة تشق طريقها وقع حادث الإسراء والمعـراج، حيث يعتقد المسلمون أن الله أسرى بمحمد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى راكباً على البُرَاق، بصحبة جبريل، فنزل هناك، وصلى بجميع الأنبياء إماماً، وربط البراق بحلقة باب المسجد. ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء فاستفتح له جبريل ففتح له، فرأي هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب به ورد، وأقر بنبوته، ثم قابل في كل سماء نبي مثل يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم، يوسف، إدريس، هارون وموسى وإبراهيم ثم عرج به إلى الله، وفرضت الصلوات في هذه الليلة التي خففت إلى خمس صلوات بعد أن كانت خمسين صلاة.
بعدما أصبح محمد من يومه أخبر قومه بما حدث لكنهم كذبوه، لم يصدقه سوى من آمن بدعوته مثل أبو بكر، فيروى أن الوثنيين طلبوا من محمد وصف المسجد الأقصى ومحمد لم يراه بوضوح في الليل، ولم يراه من قبل، فأتى جبريل بالمسجد الأقصى بين يديه وقال له صف يا محمد، فكان كلما وصف قال أبو بكر صدقت.
الهجرة
مقال تفصيلي :هجرة نبوية
اشتد أذى المشركين في مكة لمحمد وأصحابه وتعرض لمحاولات اغتيال فبدأ يعرض نفسه في مواسم الحج على قبائل العرب يدعوهم إلى الله ويخبرهم أنه نبي مرسل ويسألهم أن ينصروه ويمنعوه حتى يبلغ ما أرسله الله به للناس حتى سنة 11 من النبوة في موسم الحج جاء ستة من شباب يثرب وكانوا يسمعون من حلفائهم من يهود في المدينة، أن نبياً من الأنبياء مبعوث في هذا الزمان سيخرج، فنتبعه، ونقتلكم معه. وعد الشباب الرسول بإبلاغ رسالته في قومهم وجاء في الموسم التالي اثنا عشر رجلاً، التقى هؤلاء بالنبي عند العقبة فبايعوه بيعة العقبة الأولى. وفي موسم الحج في السنة الثالثة عشرة من النبوة يونيو سنة 622م حضر لأداء مناسك الحج بضع وسبعون شخصاً من المسلمين من أهل المدينة، فلما قدموا مكة جرت بينهم وبين النبي اتصالات سرية أدت إلى الاتفاق على هجرة الرسول وأصحابه إلى المدينة المنورة وعرف ذلك الاتفاق ببيعة العقبة الثانية. وبذلك يكون الإسلام قد نجح في تأسيس دولة له، وأذن الرسول للمسلمين بالهجرة إلى المدينة. وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين خروجهم، فخرجوا حتى لمْ يبق بِمكة إلا محمد وأَبو بكرٍ وعلي بن أبي طالب. همّ المشرِكون أَن يقتلوه، واجتمعوا عِند بابه، فخرج من بينِ أَيديهِم لم يره منهم أَحد، وترك علي ليؤدي الأَمانات التي عنده، ثمَّ يلْحق بِه. [18]
ذهب الرسول إِلى دارِ أَبِي بكرٍ، وكان أَبو بكرٍ قد جهز راحلتين للسفر، فأَعطاها رسول الله لعبد الله بن أُرَيْقِط، على أَنْ يوافيهِما في غار ثور بعد ثلاث ليالٍ، وانطلق الرسول وأَبو بكرٍ إِلَى الغار، و لم يستطع المشركين إيجادهما ويؤمن المسلمون أن لذلك تدّخل من عند الله، وفي يومِ الاثنين العاشر من شهر ربيع الأول سنة 622م دخل محمد المدينة مع صاحبه الصديق، فخرج الأَنصار إِليه وحيوه بتحية النبوة.
حياته فى المدينة المنورة
بناء مجتمع جديد
مكث محمد في قباء أربعة عشر يوماً حسب الروايات، وكانت أول خطوة خطاها محمد في المدينة هي بناء المسجد النبوي، كما آخى بين المهاجرين والأنصار، واختار كل أنصاري أحد المهاجرين ليكون أخا له يأكل معه مما يأكل ويشرب مما يشرب ويقتسم معه ماله في أروع صور التكافل الاجتماعي التي أذابت عصبيات الجاهلية، وأسقطت فوارق اللون والوطن والطبقة، فلا أساس للولاء والبراء إلا بالإسلام، فكانوا يتوارثون بهذا الإخاء في ابتداء الإسلام إرثاً مقدما على القرابة، ونشر العدل وأسس له بقوله: "وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"[2].
[عدل] معاهدة مع اليهود
كان اليهود يسكنون المدينة فعقد معهم الرسول حينما نزل المدينة معاهدة قرر لهم فيها النصح والخير، وترك لهم فيها مطلق الحرية في الدين والمال، وأوجب النصر للمظلوم والأخذ على يد الظالم وإن بينهم النصر على من دَهَم يثرب ولم يتجه إلى سياسة الإبعاد أو المصادرة والخصام، مع تنظيم المنطقة في وفاق واحد.
أهم غزواته
روى مسلم من حديث عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي عن أبيه قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة قاتل في ثمان منهن وعن زيد بن أرقم قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة كنت معه في سبع عشرة وأما محمد بن إسحاق فقال كانت غزواته التي خرج فيها بنفسه سبعا وكانت بعوثه وسراياه ثمانيا وثلاثين وزاد ابن هشام في البعوث على ابن اسحاق
غزوة بدر
في رمضان من السنة الثانية للهجرة خرج المسلمون بقيادة الرسول ليعترضوا قافلة لقريش يقودها أبو سفيان فلمًّا علم بهم أبا سفيان غَيّرَ طريقه إلى الساحل وأرسل إلى أهل مكة يستنفرهم، فخرجوا لمحاربة المسلمين والتقى الجمعان في غزوة بدر في 17 رمضان سنة اثنتين للهجرة. وانتصر جيش المسلمين وقُتِل أبو جهل عمرو بن هشام المخزومي سيد قريش
[عدل] غزوة أُحد
بعد هزيمة قريش في غزوة بدر سعت للانتقام بسبب قتلاها في معركة بدر فجمعت من كنانة وغيرها من القبائل فخرجوا في 3000 مقاتل في 15 شوال من سنة 3 للهجرة فبلغ خبرهم للرسول فخرج بالمسلمين إلى أُحد وفي الطريق انسحب المنافق عبد الله بن أبي بن سلول وثلاثمائة من أتباعه وعادوا إلى المدينة وتابع المسلمون سيرهم إلى أحد ونزلوا في موقع بين جبل أحد وجبل صغير ووضع الرسول الرماة على جبل عينين وأمرهم أن لا يغادروا مواقعهم حتى يأمرهم بذلك مهما كانت نتيجة المعركة، وبدأت المعركة فحاول فرسان المشركين بقيادة خالد بن الوليد اختراق صفوف المسلمين من ميسرتهم فصدهم الرماة، وقتل عشرة من حملة لواء المشركين، وسقط لواؤهم ودب الذعر في صفوفهم وبدؤوا في الهرب، وتبعهم بعض المسلمين فاضطربت صفوفهم، ورأى الرماة هرب المشركين فظنوا أن المعركة حسمت لصالح المسلمين فترك معظمهم مواقعهم، ونزلوا يتعقبون المشركين ويجمعون الغنائم ولم يلتفتوا لتحذيرات قائدهم، واستغل خالد بن الوليد هذه الحال، فالتف على الجيش وتغيرت موازين المعركة، وأثناء ذلك، أشيع أن الرسول قتل، وانسحب الرسول بمجموعة من الصحابة الذين التفوا حوله إلى قسم من جبل أحد وحاول المشركون الوصول إليه ففشلوا ويئسوا من تحقيق نتيجة أفضل فأوقفوا القتال مكتفين بانتصارهم هذا.
[عدل] غزوة بني قينقاع
روي ابن هشام عن أبي عون: أن امرأة من العرب قدمت بجَلَبٍ لها، فباعته في سوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فَعَمَد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ـ وهي غافلة ـ فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله ـ وكان يهودياً ـ فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع.
حينئذ سار الرسول بالمسلمين إلى بني قينقاع في 2هـ، ولما رأوه تحصنوا في حصونهم، فحاصرهم ودام الحصار خمس عشرة ليلة فنزلوا على حكم الرسول في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم، فأمر بهم فكتفوا وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها، فخرجوا إلى أذْرُعَات الشام، فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم، وذهب ساداتهم إلى خيبر حيث كان أهلها يهود فسودوهم عليهم.
[عدل] غزوة خيبر
لما نقض يهود خيبر عهدهم مع الرسول وسعوا لتوحيد قبائل العرب على قتال المسلمين في غزوة الأحزاب وبلغ ذروة أذاهم للرسول عندما دسوا له السم في طعامه. توّجه محمد إلى خيبر ومعه ألف وست مئة مقاتل من المسلمين في مطلع ربيع الأول من العام السابع الهجري، وأحاط الرسول تحركه بسرية كاملة لمفاجئة اليهود.
فوصل منطقة تدعى رجيع تفصل بين خيبر وغطفان وفي الظلام حاصر المسلمون حصون خيبر واتخذوا مواقعهم بين أشجار النخيل. وفي الصباح بدأت المعارك، وكانت الحصون تسقط؛ الواحد تلو الآخر. حتى سقطت آخر حصونهم على يد سرية بقيادة علي ابن أبي طالب. وعندها طلب اليهود من الرسول الصلح والبقاء في ديارهم، شرط أن يقدموا نصف محصولهم من كل عام إلى المسلمين، فوافق الرسول على ذلك وصفح عنهم.
[عدل] فتح مكة
عقد محمد صلح الحديبية مع قريش في 628م لمدة 10 سنوات وبعد سنتين من عقد الصلح حدث قتال بين خزاعة وبني بكر وأعانت قريش بني بكر بالسلاح وقاتل معهم جماعة فذهب عمرو بن سالم الخزاعي للاستنصار بمحمد فخرجوا يردون قريش فلما كان ذلك ذهب أبو سفيان ممثلاً عنهم ليقوم بتجديد الصلح وخرج أبو سفيان حتى أتي رسول الإسلام فكلمه، فلم يرد عليه شيئاً، وأمر بتجهيز الجيش والتحرك نحو مكة ولعشر خلون من شهر رمضان 8 هـ سنة 630م، غادر الرسول المدينة متجهاً إلى مكة، في عشرة آلاف من الصحابة ونودي بمكة من دخل منزله فهو آمن ومن دخل الحرم فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، وبعد أن دخل المسلمون المدينة جمع الرسول قريش وقال لهم: ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا، فانتم الطلقاء.
[عدل] غزوة حنين
لما فتح المسلمون مكة، اجتمعت قبائل هوازن وثقيف وبني هلال، وقررت محاربة المسلمين. قرر القائد جيشي هوازن وثقيف مالك بن عوف أن يسوق مع الجيش الأموال والعيال والنساء ليزيد ذلك من حماس المشركين في القتال ويجعلهم يقاتلون حتى الموت، إن لم يكن للنصر فللدفاع عن الحرمات. وكان جيش المسلمين كبيراً بشكل أدخل الغرور في قلوب بعض المسلمين، حتى كان بعضهم يقول لن نهزم اليوم من قلة، ولكن في طريقهم إلى جيش هوازن وثقيف كان مالك قد نصب لهم كمين في وادي حنين أصاب المسلمين بالصدمة والارتباك، وأشيع أن محمد قتل، فبدأ المسلمون في الفرار والتراجع، لكن محمدا استطاع أن يعيد الثقة لجنوده وحول الهزيمة إلى نصر، وسرعان ما فر المتبقي من جيشي هوازن وثقيف في أماكن مختلفة.
[عدل] غزوة تبوك
وقعت غزوة تبوك في رجب سنة 9 هـ في أعقاب فتح مكة وانتصار المسلمين في الطائف، فوصلت محمدا أخبار من بلاد الروم تفيد أنَّ ملك الروم وحلفاءه من العرب من لخم وجذام وغسان وعاملة قد هيأ جيشاً لمهاجمة الدولة الإسلامية قبل أن تصبح خطراً على دولته، فما كان من محمد أن أرسل إلى القبائل العربية في مختلف المناطق يستنفرهم على قتال الروم، فاجتمع له حوالي ثلاثين ألف مقاتل تصحبهم عشرة آلاف فرس. وبعد أن استخلف محمدٌ سباع بن عرفطة على المدينة، وعلي بن أبي طالب على أهله، بدأ المسلمون سيرهم، وقطعوا آلاف الأميال عانوا خلالها العطش والجوع والحر ومن قلّة وسائل الركوب، وقد سميت الغزوة "غزوة العسرة"، وقالوا إنَّها جاءت عسرة من الماء وعسرة من الظهر، وعسرة من النفقة. وأما الروم وحلفاؤهم فلما سمعوا بزحف جيش المسلمين أخذهم الرعب فلم يجترئوا على التقدم واللقاء، بل تفرقوا في البلاد في داخل حدودهم، فتم النصر للمسلمين دون قتال.
عام الوفود
بدأ الإسلام ينتشر ويذيع صيته بين العرب، وأصبح له قوة مهابة، فبدأت وفود القبائل تأتي محمداً معلنة الدخول في الإسلام، فسمي هذا بعام الوفود. أرسل محمد معاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري إلى اليمن لدعوة الناس هناك، وأرسل الرسل لملوك البلاد يدعوهم للإسلام.
حجة الوداع
في الخامس من شهر ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة أعلن الرسول محمد عن عزمه زيارة بيت الله الحرام حاجاً ، فخرج معه حوالي مئة ألف من المسلمين من الرجال و النساء، وقد استعمل على المدينة أبا دُجانة الساعدي الأنصاري، وأحرم للحج ثم لبّى قائلاً : "لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمدَ والنعمةَ لك، والملك، لا شريك لك ".[19]
وبقي ملبياً حتى دخل مكة المكرمة، وطاف بعدها بالبيت سبعة أشواط واستلم الحجر الأسود وصلّى ركعتين عند مقام إبراهيم وشرب من ماء زمزم، ثم سعى بين الصفا والمروة، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة توجه إلى منى فبات فيها ، وفي اليوم التاسع توجه إلى عرفة فصلى فيها الظهر والعصر جمع تقديم في وقت الظهر، ثم خطب خطبته الشريفة التي سميت فيما بعد خُطبة الوداع.
خُطبة الوداع
طالع أيضا :خطبة الرسول في حجة الوداع
بعض الذي جاء في خطبة الوداع ما يأتي:
محمد إن دمائكم وأموالكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوعٌ، ودماء الجاهلية موضوعةٌ، وإن أول دم أضعُ من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد فقتله هُذيل. وربا الجاهلية موضوعٌ، وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهم بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ولك عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح . ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله وأنتم تُسألون عنّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت . فقال بإصبعه السبابة ، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات [20]
وفاتة
في صفر سنة 11 هـ أصيب النبي محمد بالحمى واتقدت حرارته، حتى إنهم كانوا يجدون سَوْرَتَها فوق العِصَابة التي تعصب بها رأسه. وقد صلى الرسول محمد بالناس وهو مريض 11 يوماً وثقل به المرض، وطلب من زوجاته أن يمرَّض في بيت عائشة فانتقل إلى بيت عائشة يمشي بين الفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب. [21]
قبل يوم من وفاته أعتق غلمانه، وتصدق بستة أو سبعة دنانير كانت عنده، وطفق الوجع يشتد ويزيد، وتقول بعض الروايات بسبب سم دسه له يهود بخيبر في طعامه فينسب له أنه قال: "يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبْهَرِي من ذلك السم". توفي محمد في ضحى من يوم الاثنين ربيع الأول سنة 11 هـ، وقد تم له ثلاث وستون سنة.[22] وهذا يوافق 13 نيسان 634م.
المصدر موسوعة ويبكيديا