اثر الاسلام في العرب -3-
--------------------------------------------------------------------------------
الثالث -
فما أثر تعاليم الاسلام في العرب ؟
لاشك أن هذه التعاليم رفعت المستوى العقلي الى درجة كبرى ، فهذه الصفات التي وصف الاسلام بها الله تعالى ، نقلتهم من عبادة أصنام وأوثان وما يقتضيه ذالك من انحطاط في النظر وإسفاف في الفكر -الى عبادةإله وراء المادة لاتدركه الابصار ، وهو يدرك الابصار). كان الاله عند اكثرهم إله قبيلة، فان أتسع سلطانه فإله قبائل أو إله العرب، فاذا به في الاسلام إله العالمين ومدبر الكون وبيده كل شيئ وعالم بكل شيئ، فأستطاع العربي أن يرقى بهذه التعاليم الى فهم إله لا مادة ، واسع السلطان، واسع العلم، وأفهمهم الاسلام ان دينهم هو خير الاديان، وان العالم حولهم في ضلال ، وأن نبيهم هو نبي الناس جميعا، وأنهم ورثته في حمل دعوته الى الامم، فكان ذالك من البواعث على غزو هذه الامم يدعونهم الى دينهم ويبشرونهم به، من دخل فيه كان كأحدهم، له مالهم وعليه ما عليهم.
وكان لعقيدة اليوم الاخر والجنة والنار، أثر عظيم في بيع كثير منهم نفوسهم في سبيل نشر الدعوة.
وكان للاسلام أثر كبير في تغيير قيم الاشياء والاخلاق في نظر العرب، فارتفعت قيمة اشياء، وانخفضت قيمة أخرى ، وأصبحت مقومات الاشياء في نظرهم غيرها بالامس .
ان الاسلام رسم مثلا أعلى للحياة غير المثل الاعلى للحياة في الجاهلية، وهذان المثلان لايتشابهان وكثيرا ما يتناقضان ، فالشجاعة الشخصية والشهامة التي لاحد لها ، والكرم الى حد الاسراف، والاخلاص التام للقبيلة، والقسوة في الانتقام ، والاخذ بالثأر ممن اعتدى عليه أو على قبيلته بقول أو فعل -هذه التي كانت اصول الفضائل عند العرب في الجاهلية أصبحت في الاسلام الخضوع لله والانقياد لأمره والصبر واخضاع منافع الشخص ومنافع قبيلته لاوامر الدين، والقناعة وعدم التفاخر ، وتجنب الكبر والعظمة - هي المثل الاعلى للمسلم في الحياة.
ان الاسلام - عقيدة وعملا - صهر نفسية العربي المسلم.... لايكذب ولا يسرق ولا يزني ولا يخون ، ولا يغش ولا يتجسس ، يخلص لعقيدته اكثر مما يخلص لنفسه ، ويطيع أوامر الله ورسوله وأولي الامر ماأطاع الله اولو الامر، وبذالك أصبح فردا مفيدا باع نفسه لله اخلاصا لعقيدته. هذا العربي المسلم، بهذه المزايا النادرة ، أصبح بدون شك مفيدا كل الفائدة لتكوين امة صالحة: تعبد ربا واحدا، وتعمل بانسجام وتعاون ونكران ذات لتحقيق هدف واحد ، هو أن تكون كلمة الله هي العليا . لقد تصرف المسلم العربي - فردا - تصرفا لايزال يعتبر من الاعمال الفذة النادرة في حياة الرجال ، تحمل التعذيب والموت راضيا مطمئنا، وترك أهله وماله مهاجرا الى الله ورسوله ، وضرب بمصلحة أهله الاقربين وعشيرته وقبيلته عرض الحائط حين رآها تناقض مصلحة عقيدته العليا .
وتصرف العربي المسلم ضمن المجموع من أمته تصرفا لا يزال يعتبر حتى اليوم مفخرة من مفاخر التاريخ ، اندفع يجاهد في سبيل نشر عقيدته وحمايتها، فخرجت القوة المؤمنة التي اختزنتها الصحراء عبر الجبال ، تحمل راية الاسلام ، فتتابعت انتصاراتها الباهرة ، وكان الفتح الاسلامي العظيم فتحا راسخا الى الابد لانه فتح مبادئ ومثل عليا لاغزو استغلال واستعباد.
يتبع ... د.اسماعيل عبد اليوسف...(( alrqawi))
الإثنين سبتمبر 14, 2009 7:05 pm